ما هي السعادة الحقيقية

قد يتسائل البعض عن ما هي السعادة الحقيقية؟ أو ما هي السعادة الحقيقية في الإسلام؟ ما هو مفتاح السعادة الحقيقية في الحياة؟
تعتبر السعادة هي الوسيلة الوحيدة للرضا النفسي والسلام الداخلي الذي يبحث الإنسان، وهي شعور حسي ولا نستطيع لمسه أو سماعه، لكن نستطيع تجسيده على أرض الواقع سواءًا بإبتسامة أو تعبير جيد وحتى الضحك، ولا شك أن السعادة الحقيقية شعور رائع ومفرح نبحث عنهُ جميعنا.
سنتكلم اليوم في موقع إطناب عن ما هية السعادة الحقيقية، كما سنشرح عن السعادة الحقيقية عند الفلاسفة، والسعادة الحقيقة في الإسلام، وأخيرًا سنتكلم عن تقاطعات فكرية للعلماء والفلاسفة والمعاصرين عن السعادة من منظور آخر.

ما هي السعادة الحقيقية

ما هي السعادة الحقيقية
ما هي السعادة الحقيقية
 يختلف منظور السعادة الحقيقية من شخص إلى آخر على حسب مقياسهِ وطريقة عيشهِ، لكن الثابت الوحيد للسعادة الحقيقية هي أنها شعور بفرحة كبيرة "مستمرة" في الحياة وليست مؤقتة، كما أنها توجد لدى الجميع بدون استثناء، أي أنها حالة نفسية عند الجميع وكل ماعليك فعله هو أن تجد أين تظهر لديك، فمن الناس من تكمن السعادة عنده في ظروف سيئة أو متوسطة، ومنهم من يجد السعادة في عمل الخير الذي يقدمه لغيره، ومنهم من يجدها في المال أو الشهرة أو السلطة وغيرها الكثير والكثير، لكن سنتطرق إلى مقاييس السعادة من اتجاهات علمية وأكاديمية.

السعادة الحقيقية عند الفلاسفة

السعادة الحقيقية عند الفلاسفة
السعادة الحقيقية عند الفلاسفة


تحدثنا قبل قليل أن للسعادة الحقيقية مقاييس مختلفة ومتنوعة إلا أن لدى علماء الفلسفة آراء مهمة وتُدرس في كافة المدارس والجامعات، وذلك لأهميتها على وجه الخصوص.
  • رؤية أفلاطون للسعادة:
 أكد أفلاطون في كتابه الشهير "الجمهورية" أن الشخص الخلوق هو فقط القادر على الوصول للسعادة الحقيقية، وبهذا على المرء أن يفهم القيم الأربع التي طرحها، خاصةً العدالة، كما يرى أفلاطون أن من يسيء استخدام السلطة يكون عبدًا لشهواته، بينما من لا يقدم على هذا ويظل راشدًا وضابطاً لذاته يكون سعيدًا.
كما وضح أفلاطون بنوعٍ من السعادة نابع من العدالة الاجتماعية، ويتحقق عبر تحقيق مكانة المرء في المجتمع المحاط به، ذلك الواجب الذي يخلق السعادة الحقيقية، بينما تعد المصادر الأخرى للسعادة مثل الرفاهية والثروة والمتعة الحسية أشكالاً بأقل درجة من السعادة، إن لم تكن سعادة زائفة بالكامل على حدِ قوله.
  • رؤية أرسطو للسعادة:
يشير أرسطو في الأخلاق "النيقوماخية" - إحدى تصانيف أرسطو الذي أهداها إلى ابنه نيقوماخس. والكتاب صحيح النسبة إلى أرسطو، وفيه يدرس الأخلاق والفضائل- إلى فكرة أن العديد من الغايات في حقيقتها غايات وسيطة، وأن الرغوب فيها لا يحدث إلا بغرض تحقيق الغايات الأكثر سموًا، ومن ثم فإن أمورا مثل الثراء، والذكاء، والشجاعة تكتسب قيمتها فقط بإرتباطها بأمور أخرى، في حين أن اليودايومنيا هي الأمر الوحيد القيّم بمعزل عن بقية الأمور.
كما اعتبر أرسطو أن الفضيلة ضرورية للمرء من أجل ان يكون سعيدًا طوال حياته، ورأى أن أكبر ما يمكن للمرء بلوغه دون فضيلة هو القناعة. وبالتالي تعرض أرسطو لنقد كبير لفشله في إظهار أن الفضيلة ضرورية على النحو الذي ادعى أنها عليه، ولأنه لم يتناول هذه الشكوكية الأخلاقية قط.
  • رؤية ابن سينا للسعادة:
يصف ابن سينا السعادة كهدف للإنسانية، ويقول إن السعادة الحقيقة نقية وحرة من المساعي الدنيوية ومجردة تمامًا منها، ويقول: "والعارفون المتنزهون، إذا وضع عنهم درن مقارنة البدن، وانفكوا عن الشواغل، خلصوا إلى عالم القدس والسعادة، وانتقشوا بالكمال الأعلى، وحصلت لهم اللذة العليا".
  •  رؤية نيتشة للسعادة:
يرى نيتشة أن السعي للسعادة "بمعنى ملاحقة اللذة" في حد ذاته إهدار للحياة البشرية، ويقول: "لا تسعى البشرية للسعادة، إن من يفعل هذا هو الإنجليز (في إشارةٍ للفلسفة الإنجليزية النفعية وتركيزها على السعادة الشاملة، وهي فلسفةٌ رفضها نيتشة).
فكرّس نيتشة حياته لفكرة إيجاد معنىً للحياة، وقدم لنا "الإنسان الأعلى" الذي يخلق معنى للحياة كبديل عن "الإنسان الأخير" وهو إنسان العصر الحديث الذي يلهث وراء الملهيات ويعيش حياة بلا معنى.
كما مَجّدَ نيشتة من يتحملون معاناة كبيرة طواعيةً، للوصول للهدف الذي وضعوه لأنفسهم.

السعادة الحقيقية في الإسلام:

السعادة الحقيقية في الإسلام
السعادة الحقيقية في الإسلام


قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وذلك وعدٌ منه -سبحانه- لمن لزم طاعته، وعمل صالحاً؛ بأنّه سوف يحييه حياة طيبةً، وقد اختلفت التأويلات والتفسيرات للمراد من الآية الكريمة؛ ذلك أنّ أهل الإيمان من أكثر الناس ابتلاءً في الحياة الدنيا، فقيل إنّ الحياة الطيبة تكون بانشراح الصدر، وحياة القلب، والشعور بالرضا وبغض النظر عن الألم والحزن والفقر وغيره، لإن ذلك كله له أجر وقواب عند الله.

السعادة من منظور آخر:

السعادة من منظور آخر
السعادة من منظور آخر


تُعرف السعادة الحقيقية بعدة مفاهيم مترابطة ببعضها البعض بشكل معقد، وقد نبدأ مفهوم السعادة بأنها نوع من السلام الداخلي الذي يصل إليه الإنسان من خلال التوازن بين الغذاء الجسدي مثل الطعام والشراب، والغذاء الروحي مثل القرآن الكريم، ربما نشعر أحيانًا بسعادة مؤقتة نتيجة لفعل طائش مثل مخدرات أو مشروبات روحية وغيرها، ولكن هذه ليست السعادة التي نبحث عنها والتي ستأخذك نحو الأفضل، وبجانب ذلك فإن السعادة الحقيقية تتصف بالطريق نحو الهدف وليس الهدف نفسه، على سبيل المثال أنت تسعى لتصبح مليونير أو تتزوج فتاة أحلامك أو تشتري سيارة فاخرة، تقريبًا تكمن السعادة قي هذه الحالة بالسعي وراء تحقيق هذه الأهداف المرسومة، وهذا لا ينفي طبعًا أن الوصول إلى الأهداف الصغيرة أو الكبيرة لها فرحة عارمة، لكنها تنهتي بمجرد وصولك لها.
وفي النهاية نكون تحدثنا اليوم عن ما هي السعادة الحقيقية، ووضحنا مفهوم السعادة الحقيقية عند الفلاسفة مثل أرسطو وسقراط وغيره من المفكرين، ولم ننسى بالتأكيد الإشارة إلى السعادة الحقيقية في الإسلام، وقمنا بتجميع ومقاطعة بعض الآراء في فقرة منظور آخر للسعادة.
نتمنى لك اخي القارئ ان تكون قد استفدت من هذه المقالة بأقصى قدر ممكن.
محمود جميل
بواسطة : محمود جميل
محمود جميل مختص مجال كتابة المقالات
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-